صباح الخير أيها الفن..
جورج سادول الناقد السينمائي الفرنسي الفذ: هناك سبعة مشاهد في السينما المصرية لا تنسي.. وستظل محفورة في ذاكرة السينما العالمية أبد الدهر..
تري ما هي هذه المشاهد السينمائية التي هزت وجدان وعقل العالم؟
المشهد الأول من فيلم غزل البنات بطله الأول نجيب الريحاني ويشاركه البطولة في هذا المشهد السينمائي الميلودرامي يوسف وهبي فنان الشعب, ومعه كناريا السينما المصرية ليلي مراد.. الثلاثة يشاهدون محمد عبدالوهاب وهو يغني رائعته عاشق الروح..
** ما الذي جري.. لماذا تخلفنا بعد أن كنا نقود العالم فنا وعلما وأدبا ودينا ودنيا.. من المؤكد أن العيب فينا نحن.. ولكننا نداري ونبرر ونقدم كشف الحجج والمبررات واللا ايه؟!**
يوسف وهبي يتكلم إلي ليلي مراد: افرضي يا ليلي هانم أن الأستاذ حمام ـ يعني نجيب الريحاني المدرس الخصوصي لليلي هانم بنت الباشا ـ بيحبك وانت بتحبيه!
تنتفض ليلي للعبارة وترد بقسوة: هو أنا اتهبلت في عقلي أحب واحد زي ده!
هنا يمتليء وجه حمام الذي هو نجيب الريحاني بالدموع في مشهد يمكن أن ينال عليه جائزة الأوسكار.. وهو يردد: أيوه أنا اتهبلت في عقلي..
وينتهي المشهد برحيل حمام عن الكادر وهو يخفي دموعه بمنديله.. ويوسف وهبي يقول لليلي: يا ست ليلي الراجل ده بيحبك.. أيوه بيحبك..
تتدارك ليلي الموقف وتجري علي عمنا الريحاني وتحاول استرضاءه وهي تبكي هي الأخري: أنا آسفة يا أستاذ حمام.. ما كانش قصدي!
ومن غرائب الأقدار أن هذا المشهد الذي يستحق جائزة الأوسكار أعظم جوائز السينما للممثل العظيم نجيب الريحاني.. لم يشاهده الريحاني أبدا.. فقد رحل عن عالمنا قبل عرض الفيلم في دور السينما بشهر واحد في عام1949!
هذا المشهد السينمائي التاريخي.. كتبوه في كتاب السينما باسم نجيب الريحاني.
....................
....................
الفرح والحزن في لحظة واحدة!
* المشهد رقم2: في فيلم عائشة لفاتن حمامة وزكي رستم جراند بريمير السينما المصرية.. والمشهد مسجل باسم زكي رستم..
كان زكي رستم بلطجيا كبيرا في هذا الفيلم يسرح أولاده في الشوارع لبيع اليانصيب أو السرقة والنشل.. ثم يجمع حصيلة شقاء وتعب ابنه وابنته عائشة.. ليسهر في الملهي الشعبي يرقص ويشرب البيرة والنبيذ والبوظة, ويلعب النرد والقمار حتي الصباح مع رفقة السوء من أمثاله..
وكانت عائشة تذهب للمدرسة صباحا ثم تعود إلي البيت لترتدي لباس العمل.. جلابية سوداء غبراء لتبيع اليانصيب علي المقاهي.. حتي رأف قلب أحد الوجهاء بها فأخذها عنده لتعيش وتدرس واعتبرها ابنته.. بمقابل مادي شهري لعباس الذي هو زكي رستم..
المشهد الذي يستحق عليه زكي رستم جائزة الأوسكار.. عندما كان يرقص ويلهو في الخمارة ويشرب ويلعب القمار مع رفاقه.. وهو في قمة السعادة وهو يرقص مع راقصة نص كم من نوع أبوعشرة بقرش أبيض!.. جاء من يهمس في أذنه: ابنه وحيده وذراعه اليمني داسه الترام!
لحظة ميلودرامية رائعة بين الفرح والحزن صاغها وجه وملامح وحركات وصوت زكي رستم كأنها الدهر كله.. وكأن الزمن قد توقف في لحظتها!
هذا المشهد سجلوه في كتاب السينما العالمية باسم: زكي رستم..
تعظيم سلام يا عمنا وتاج راسنا زكي رستم..
.................
.................
سحلوه فأصبح بطلا!
* المشهد رقم ثلاثة: من فيلم الأرض في رواية الأديب الكبير عبدالرحمن الشرقاوي.. عندما رفض الفلاح محمود المليجي ترك أرضه ينزعون منها المحصول ويدقون فيها الخوازيق تمهيدا لتحويلها إلي طريق زراعي.. فقام جنود الهاجاناة وهم من الجنود السمر من حرس الحدود الذين لا يرحمون أحدا.. بسحله خلف الحصان فوق أغصان وجذور نباتات حقله حتي امتلأ وجه محمود المليجي بالدم في مشهد لا ينسي أبدا للقهر والظلم والاستبداد والفساد في وقت واحد..
هذا المشهد كتبوه في كتاب السينما.. باسم العملاق محمود المليجي..
................
................
عتريس.. وفؤادة!
* المشهد رقم أربعة: من فيلم شيء من الخوف للأديب الكبير ثروت أباظة.. وبطلته الفنانة المبدعة شادية.. وأخرجه المبدع حسين كمال..
والمشهد الذي اختاروه.. هو مشهد الأرض وقد جفت وتشققت بعد أن منع عنها الماء عتريس وقد قام بدوره محمود مرسي الذي يفرض جبروته مع عصابته علي القرية.. وظهرت أبعاد المأساة علي الأرض والزرع الذي مات ووجوه الفلاحين التي بلون الأرض.. والعيون المنكسرة والقلوب الجريحة.. ولكن فؤادة التي قامت بدورها شادية والتي يحبها عتريس كثيرا.. قامت بفتح الهويس بإدارة عجلته حتي تدفق الماء وروي الأرض.. وتمرغ الأطفال والكبار في طين الأرض والماء ينساب بين الشقوق والقنوات ليروي الزرع والضرع..
وجاء عتريس ورجاله القساة ليقرروا قتل فؤادة التي أعادت الحياة للقرية كلها.. ووضعوا البندقية في يد عتريس ليسدد طلقة الموت في صدر فؤادة.. ولكنه يتراجع في آخر لحظة.. فكيف يقتل بيديه حبيبة القلب.
هذا المشهد كتبوه في كتاب السينما باسم الفنانة شادية!
..................
..................
الفضيحة.. في مشهد!
* المشهد رقم خمسة في تاريخ السينما المصرية.. من فيلم القاهرة30.. عندما شاهد الأب شفيق نورالدين فضيحة ابنه حمدي أحمد.. وامرأة الباشا أحمد مظهر تضبطه وهو في أحضان سعاد حسني زوجة الابن.. لحظة رهيبة لا تتكرر في قصص الأفلام السينمائية.. وقد أدي المشهد ببراعة الممثل القدير شفيق نورالدين+ الممثل حمدي أحمد, وقد كان أول أدواره علي الشاشة.. وبقدرة حركة وإخراج مثير للعملاق صلاح أبوسيف.
هذا المشهد كتبوه في تاريخ المشاهد السينمائية المعجزة باسم اثنين: شفيق نورالدين+ حمدي أحمد
.......................................
الابن يركع ليقبل قدمي أمه!
* المشهد السادس: من فيلم أعز الناس لمخرج الروائع حسن الإمام.. وبطل المشهد جان بريمير السينما المصرية في عصرها الذهبي: شكري سرحان, عندما عاد من السفر ليجد أمه قد غادرت بيت أخيه وظل يبحث عنها حتي عثر عليها وهي تمسح بلاط المستشفي.. وارتمي علي قدميها يقبلها بدموعه.. ثم حملها بين يديه ومضي.
هذا المشهد سجلوه في شريط السينما العالمية تحت اسم شكري سرحان..
.................
.................
عندما يتدخل الموت لينقذ الأحياء!
* أما المشهد السابع في تاريخ السينما المصرية.. فقد كان في فيلم العبقري كمال سليم الذي نقل الحارة المصرية لأول مرة إلي السينما في فيلمه العزيمة الذي يعتبره النقاد ـ وأولهم الفرنسي جورج سادول ـ أعظم فيلم في تاريخ السينما المصرية.
المشهد البطل فيه ثلاثة: المحضر الذي جاء من المحكمة لكي يحجز علي منقولات دكان الحلاق أبو محمد الذي قام بدوره حسين صدقي لأنه عجز عن سداد الإيجار لمدة ستة أشهر متوالية+ الجزار محمود مختار الذي وقف شامتا في أبو حسين صدقي منافسه في حب فاطمة ابنة الحارة التي قامت بدورها الفنانة التي لا تتكرر في تاريخ السينما فاطمة رشدي+ الحصان الذي يجري في الساحة استعراضا للقوة والمال.. والجزار يشتري الكارتة التي يقودها الحصان.. ويفتح محفظة نقوده المليئة بالنقود ويدفع مائة وعشرين جنيها.. بينما الحبيبة تنظر من البلكونة لتشاهد هوان حبيبها وشماتة منافسه علي حبها.. والفرس يجري ليقول لنا إن القوة هي التي تكسب في النهاية.
وينتهي المشهد بالحانوتي الذي ظل يدعو الله طوال الليل أن يرزقه بميت يأخذ مقابل دفنه بضعهةجنيهات يدفعها لمحضر المحكمة ويفك حجز الدكان ويوقف عملية البيع بالمزاد!
وينتهي المشهد بجنازة الميت الغني التي تنقذ رقبة الغلابة من الهوان!
مشهد لا يتكرر في تاريخ السينما وقد كتبوه باسم الفرس+ الجزار+ الحانوتي الذي قال في تحد للجزار الجبان: يا فارسهم بحكمتك يارب!
وقد كتبوا المشهد باسم المخرج كمال حسين!
.................
................
كل هذه المشاهد السينمائية السبعة سجلوها في كتاب السينما العالمية من العصر الذهبي للسينما المصرية.
ولكن..
هل هناك أمل في أن تعود السينما المصرية مرة أخري إلي عصرها الذهبي.. أو حتي تقترب منه؟
قال لي أحد الزملاء الأعزاء: هل شاهدت خالد صالح؟
قلت: لا
قال: هو نسخة طبق الأصل من زكي رستم.
يسألني: هل شاهدت أفلام المخرجة ساندرا نشأت؟
قلت: لا
قال: هي تقدم أفلاما رائعة أرجو أن تراها.
يسألني: هل شاهدت أفلام خالد يوسف؟
قلت: لحد دلوقتي لا.
قال: هو آخر نسخة من يوسف شاهين أعظم المخرجين في تاريخ السينما..
يا عزيزي تأكد أن الفن المصري بخير.. وسوف يصحو من جديد.. إن لم يكن قد صحا بالفعل..
0 التعليقات:
إرسال تعليق